القائمة الرئيسية

الصفحات

التصلب اللويحي

التصلب اللويحي هو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي، ويتسبب في إتلاف طبقة الميالين التي تغلف الأعصاب وتساعد في نقل الإشارات بين الدماغ والجسم. هذا التلف يؤدي إلى ظهور أعراض متنوعة تؤثر على الحركة، الرؤية، التوازن، الذاكرة، الحالة المزاجية وغيرها من الوظائف الحيوية

لا تزال أسباب المرض غير معروفة بشكل دقيق، لكن يعتقد أنه ينتج من تفاعل بين عوامل وراثية وبيئية ومناعية. بعض هذه العوامل هي: الجنس (الإناث أكثر عرضة)، العمر (ما بين 20-40 عامًا)، الموقع الجغرافي (المناطق الباردة أكثر شيوعًا)، نقص فيتامين د، والإصابة ببعض أنواع الفيروسات مثل فيروس إبشتاين-بار

لا يوجد علاج نهائي للتصلب اللويحي، لكن هناك علاجات تستهدف تخفيف الأعراض وتقليل عدد وشدة الانتكاسات وتحسين جودة حياة المصاب. هذه العلاجات تشمل: أدوية مناعية مثل بيتا إنتروفيرون (Beta interferon) وأسيتات جلاتيرامير (Glatiramer acetate) وأولانزاب (Ocrelizumab)، أدوية مسكنة للألم والالتهابات مثل ابروفين (Ibuprofen) وبريدنزولون (Prednisolone)، أدوية لتحسين الحركة والتوازن مثل باكلوفين (Baclofen) وديانزابام (Diazepam)، أدوية لمعالجة المشكلات الجنسية مثل سيلدينافيل (Sildenafil) وتادالافيل (Tadalafil)، أدوية لمعالجة المشكلات المزاجية مثل فلوكستين (Fluoxetine) وسيرترالين (Sertraline)، إضافة إلى جلسات العلاج الطبيعي والإرشاد النفسي

أسباب التصلب اللويحي

أسباب التصلب اللويحي هي مجهولة بشكل دقيق، لكن يعتقد أنه ينجم عن تفاعل بين عوامل وراثية وبيئية ومناعية تؤدي إلى حدوث خلل في جهاز المناعة الذي يهاجم طبقة الميالين المحيطة بالأعصاب في الدماغ والحبل الشوكي. هذا الهجوم يسبب تلفًا في الميالين وتشوهًا في الأعصاب، مما يعطل نقل الإشارات العصبية بين الدماغ والجسم ويؤثر على العديد من الوظائف الحيوية

بعض العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالتصلب اللويحي هي:

  • الجنس: فالنساء أكثر عرضة للإصابة بالتصلب اللويحي من الرجال بنسبة تتراوح بين 2-3 أضعاف.
  • العمر: فمعظم حالات التصلب اللويحي تظهر في سن ما بين 20-40 عامًا، إلا أنه يمكن أن يصيب أشخاصًا في مراحل عمرية أخرى.
  • الوراثة: فوجود شخص مصاب بالتصلب اللويحي في العائلة، كالأخوة أو الأبوين، يرفع من احتمالية الإصابة به. كما أن هناك بعض الجينات التي ترتبط بزيادة خطر التصلب اللويحي، مثل جين HLA-DRB1.
  • الموقع الجغرافي: فانتشار التصلب اللويحي يزداد كلما ابتعدنا عن خط الاستواء، وذلك قد يرتبط بانخفاض تعرض الشخص لأشعة الشمس ونقص فيتامين د.
  • فيتامين د: فهذا الفيتامين له دور هام في تنظيم جهاز المناعة، وقد أظهرت بعض الدراسات أن نقص فيتامين د قد يزيد من خطر التصلب اللويحي، وأن تكميله قد يساعد في تخفيف شدة المرض.
  • الأمراض المعدية: فهناك بعض الفيروسات التي قد تكون لها دور في حدوث التصلب اللويحي، مثل فيروس إبشتاين-بار (EBV)، وفيرس هيربس 6 (HHV-6)، وفيرس جاندي (JC)، وذلك لأن هذه الفيروسات قد تؤثر على جهاز المناعة أو تحفزه لمهاجمة الميالين.
  • التدخين: فهذه العادة السيئة قد تزيد من خطر الإصابة بالتصلب اللويحي، وتسرع من تطوره، وتقلل من فعالية العلاجات المناعية. كما أن التوقف عن التدخين قد يحسن من حالة المصابين بالتصلب اللويحي.

أعراض التصلب اللويحي

أعراض التصلب اللويحي تتنوع وتختلف باختلاف موقع وشدة الإصابة بالمرض، وتنقسم إلى أعراض مبكرة وأعراض متقدمة

الأعراض المبكرة تظهر عادة في سن ما بين 20-40 عامًا، وتشمل الآتي:

  • التهاب العصب البصري: وهو التهاب يصيب العصب المسؤول عن نقل الإشارات البصرية من العين إلى الدماغ، ويسبب ضعفًا أو فقدانًا للنظر في إحدى العينين أو كلتيهما، مع ألم في العين أو حولها.
  • التهاب النخاع المستعرض: وهو التهاب يصيب جزءًا من الحبل الشوكي، ويسبب خَدَرًا أو ضعفًا في الأطراف، مع مشكلات في التبول والإخراج.
  • علامة ليرميت: وهي علامة تظهر عند إمالة الرأس للأمام، وتسبب شعورًا بالصدمة أو البرق في الظهر أو الأطراف.
  • التثاقل وعدم التناسق الحركي: وهي حالة تؤثر على التوازن والتنسيق بين الجسم والحركة، وتسبب صعوبة في المشي أو التحكم بالعضلات.
  • الدوخة والأعراض البصرية: وهي حالة تؤثر على رؤية المصاب بالتصلب اللويحي، وتسبب رؤية مزدوجة أو ضبابية أو رأرأة في العين.
  • الأعراض النفسية: وهي حالة تؤثر على المزاج والانفعالات لدى المصاب بالتصلب اللويحي، وتسبب اكتئابًا أو قلقًا أو تقلُّبًا في المشاعر.
  • الإرهاق والأعراض العضلية: وهي حالة تؤثر على قدرة المصاب بالتصلب اللويحي على ممارسة نشاطاته اليومية، وتسبب شعورًا بالتعب أو الإجهاد أو التشنجات في العضلات.
  • الأعراض المعرفية: وهي حالة تؤثر على قدرات المصاب بالتصلب اللويحي الذهنية، مثل التفكير أو التذكُّر أو التخطيط، وتسبب صعوبة في تذكُّر المعلومات أو تطبيق المهارات.
  • مشكلات الجهاز التناسلي: وهي حالة تؤثر على الوظيفة الجنسية لدى المصاب بالتصلب اللويحي، وتسبب اضطراب الانتصاب عند الرجال أو جفاف المهبل عند النساء.
  • صعوبات النطق: وهي حالة تؤثر على قدرة المصاب بالتصلب اللويحي على التواصل مع الآخرين، وتسبب تداخلًا في الكلمات أو توقفًا في الحديث.

الأعراض المتقدمة تظهر عادة في مراحل متأخرة من المرض، وتشمل الآتي:

  • الألم في الأعصاب والعضلات والمفاصل: وهو ألم مزمن ينجم عن التهاب أو تضرر الأعصاب أو العضلات أو المفاصل، وقد يكون شديدًا أو مبرحًا.
  • التشنجات العضلية: وهي حركات لا إرادية تحدث في العضلات، وقد تكون مؤلمة أو مزعجة.
  • الشلل: وهو فقدان كامل أو جزئي لحركة أو إحساس في جزء من الجسم، نتيجة لإصابة شديدة في الأعصاب.
  • الخَرَف: وهو تدهور في القدرات المعرفية، مثل الذاكرة أو التفكير أو التحكم بالانفعالات، نتيجة لإصابة دائمة في خلايا الدماغ.
  • التهاب المثانة: وهو التهاب يصيب جدار المثانة، ويسبب حرقانًا أو ألمًا عند التبول، أو رغبة مستمرة بالتبول، أو دمًا في البول.

تشخيص التصلب اللويحي

تشخيص التصلب اللويحي هو عملية معقدة ومتعددة الخطوات، تتطلب تقييمًا شاملًا للتاريخ الصحي والفحص العصبي والفحوصات المخبرية والإشعاعية للمريض

هناك مجموعة من المعايير المتفق عليها دوليًا لتشخيص التصلب اللويحي، تسمى معايير مكدونالد، وتشترط ما يلي:

  • ظهور أعراض تدل على إصابة منطقتين أو أكثر من الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والحبل الشوكي)، مثل التهاب العصب البصري أو التهاب النخاع المستعرض أو علامة ليرميت.
  • حدوث نوبتين أو أكثر من الأعراض، تستمر كل نوبة 24 ساعة على الأقل، وتفصل بينها فترة لا تقل عن شهر واحد.
  • عدم وجود سبب آخر يفسر الأعراض، مثل نقص فيتامين ب 12 أو التهاب الأوعية الدموية أو التهاب الدماغ.

ولتأكيد التشخيص، يجب إجراء بعض الفحوصات التالية:

  • فحوصات الدم: تستخدم لاستبعاد وجود أمراض أخرى قد تسبب أعراضًا شبيهة بأعراض التصلب اللويحي، مثل مرض التهاب النخاع والعصب البصري (NMO)، أو نقص بعض الفيتامينات.
  • البزل القطني: يتم البزل القطني عن طريق إدخال إبرة طويلة في النخاع الشوكي لإزالة عينة من السائل المخَّارِجِ (CSF) الموجود حول النخاع الشوكي والدماغ. يُفحَص هذا السائل لقياس مستوى بروتينات مُحَدَّدَة تُسَمَّى الغُلُولِات (IgG)، التي قد تكون مرتفعة في حالات التصلب اللويحي. كما يُفحَص هذا السائل للاطمئنان على عدم وجود عدوى أو سرطان في المخ أو الحبل الشوكي.
  • التصوير بالرنين المغنطيسي (MRI): هو فحص يستخدم مجالًا مغنطيسًا قوًّىً وأمْوَاجً راديوية لإنتاج صور مفصلة للمخ والحبل الشوكي. يُظهِر هذا الفحص وجود البقع اللويحية (plaques)، وهي مناطق من النسيج المتلف في المادة البيضاء، التي تدل على إصابة الميلين. كما يُظهِر هذا الفحص موقع وعدد وحجم البقع اللويحية، وتطورها مع مرور الوقت.
  • فحوصات الجهود المحرّضة (Evoked potentials): هي فحوصات كهربية تقيس سرعة انتقال الإشارات العصبية في استجابة لمُحَفِّزٍ خارجي، مثل الضوء أو الصوت أو اللمس. تُساعِد هذه الفحوصات في كشف أي تأخير أو تشويش في انتقال الإشارات، الذي قد ينجم عن إصابة الميلين.

علاج مرض التصلب اللويحي

علاج مرض التصلب اللويحي هو عملية مستمرة ومتكاملة، تهدف إلى تقليل تأثير المرض على جودة حياة المريض ووظائفه اليومية ، لا يوجد علاج نهائي للتصلب اللويحي، ولكن هناك أدوية وعلاجات تساعد في التخفيف من الأعراض والانتكاسات والتقدم المرضي

علاج مرض التصلب اللويحي يشمل ثلاثة جوانب رئيسية:

  • علاج الانتكاسات: هو استخدام أدوية تقلل من التهاب الأعصاب وتسرع من شفاء الميلين. من أهم هذه الأدوية الستيرويدات (Steroids)، التي تُعطى عن طريق الحقن أو الفم لمدة قصيرة. في بعض الحالات، قد يُستخدَم فصاد البلازما (Plasmapheresis)، وهو فحص يُزال فيه سائل البلازما من الدم ويُستبدَل بسائل آخر، لتقليل نشاط جهاز المناعة.
  • علاج التقدم المرضي: هو استخدام أدوية تُثبِط نشاط جهاز المناعة وتُقلِّل من تكوّن البقع اللويحية في المخ والحبل الشوكي. من أهم هذه الأدوية إنترفيرون بيتا (Interferon beta)، أسيتات الغلاتيرامر (Glatiramer acetate)، كلادريبين (Cladribine)، أليمتوزوماب (Alemtuzumab)، ميتوكسانترون (Mitoxantrone)، السيبونيمود (Siponimod)، أوزانيمود (Ozanimod) وغيرها. هذه الأدوية تُعطى عن طريق الحقن أو الفم بشكل دوري، وقد تسبب بعض الآثار الجانبية مثل انخفاض كفاءة جهاز المناعة والإصابة بالعدوى أو التهابات في الجهاز التنفسي أو اضطرابات في الكبد أو خثرات دموية أو تساقط شعر.
  • علاج الأعراض: هو استخدام أدوية وعلاجات تُساعِد في التغلب على بعض المشكلات التي قد تُصاحِب مرض التصلب اللويحي، مثل: التهاب العصب البصري (Optic neuritis)، التشنجات (Spasticity)، الإمساك (Constipation)، الإجهاد (Fatigue)، الاكتئاب (Depression)، الألم (Pain)، التبول اللاإرادي (Urinary incontinence)، الضعف الجنسي (Sexual dysfunction) وغيرها. هذه الأدوية والعلاجات تُختار حسب حالة كل مريض على حِدة، وقد تشمل: أدوية مضادة للالتهابات (Anti-inflammatory drugs)، أدوية مضادة للتشنجات (Antispasmodic drugs)، أدوية مضادة للاكتئاب (Antidepressant drugs)، أدوية مسكنة للألم (Analgesic drugs)، أدوية مضادة للمسكارين (Antimuscarinic drugs)، أدوية محفزة للمسكارين (Muscarinic agonists)، أدوية محفزة للانتصاب (Erectile stimulants) وغيرها. كما قد تُستخدَم بعض العلاجات الطبيعية أو البديلة مثل: العلاج الطبيعي (Physical therapy)، العلاج النفسي (Psychotherapy)، التغذية السليمة (Proper nutrition)، التمارين الرياضية المناسبة (Appropriate exercises)، التأمل (Meditation)، الوخز بالإبر (Acupuncture) وغيرها.

تعليقات