القائمة الرئيسية

الصفحات

الهجاء

الهجاء هو شتم الآخر بالشعر أو النثر، ويعتبر من أهم الأغراض الشعرية التي من أجلها كُتبت العديد من قصائد العربية. وقد ظهر هذا الغرض الشعري من خلال وجود حالة الصراع بين القبائل العربية سابقًا، وما دار بين هذه القبائل من الحروب، حيث كان هذا النوع من الشعر يمثل الحرب اللفظية تجاه من يخاصم الشاعر وقبيلته.

أهجى شعراء العرب هم الذين برزوا في غرض الهجاء حتى وصفوا بأنهم أهجى شعراء العرب على الإطلاق وذلك من خلال ورود هذا الغرض الشعري في العديد من قصائدهم التي خلَّدت مواقفهم تجاه من قاموا بهجائهم. ومن أشهر هؤلاء:

  • جرير بن عطية: يعدُّ من أعظم شعراء العربية على الإطلاق وهو جرير هو أبو حرزة جرير بن عطية اليربوعي التميمي، وهو من قبيلة بني تميم النجدية، ولد في عهد ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في منطقة نجد ومات فيها، واشتهر بمتانة شعره وبراعته في الهجاء والمديح على حد سواء، كما أنه برز بشكل لافت في شعر الغزل حتى قيل عنه بأنه أغزل الناس، وكانت بداية الشاعر جرير من خلال كتابة نقائضَ للشعراء المحليين الذين عاشوا في عصره، حيث كان يساجلهم ويهجوهم، وقيل بأنه هجى أغلب الشعراء الذي عاشوا في زمانه، وهذا ما زاد شهرته في الجزيرة العربية في حياته وبعد وفاته

  • سفيان بن سالم: يُكنى أبو مسروق، هو سفيان بن سالم بن مسروق التغلبي، شاعر مخضَّـرم، ولد في البصرة وتوفي فيها، وهو من أهجى شعراء العرب، وكان يهجو الفرزدق والأخطل وغيرهما من شعراء عصره، وكان يمتاز بالسخرية واللطف في شعره، وقد قال عنه الأخطل: “سفيان بن سالم أحسن الناس هجاءً، لا يُؤذي من هجاه، ولا يُبقي له مكانًا”

  • الأخطل الصغير: يُكنى أبا عمرو، هو عمرو بن قيس بن زيد بن عمرو بن مالك الأخطل الصغير، شاعر مسيحي من قبيلة تغلب، ولد في البصرة وتوفي فيها، وهو من أشهر شعراء العرب في الهجاء، وكان يهجو جرير والفرزدق وغيرهما من شعراء عصره، وكان يمتاز بالشجاعة والثقة بنفسه في شعره، وقد قال عنه جرير: “الأخطل أشجع الناس هجاءً، لا يُبقي لمن هجاه مكانًا”

أهجى شعراء العرب

أهجى شعراء العرب هم الذين اتقنوا فن الهجاء بالشعر، وهو شتم الخصم أو الغريم بأبيات شعرية تبرز عيوبه ومساوئه، ويعتبر الهجاء من أقدم الأغراض الشعرية في التاريخ العربي، وقد كان يستخدم كسلاح لفظي في حالات الصراع والحروب بين القبائل. ومن أشهر شعراء الهجاء في العصور القديمة:

  • جرير بن عطية: كما ذكرت هو أحد أهجى شعراء العرب، وكان يهجو شعراء عصره مثل الفرزدق والأخطل وسراقة البارقي، وكان يتميز بالإقذاع والفحش والتفصيل في شعره، وكان يستخدم المديح والغزل أيضاً كأسلوب في الهجاء

  • ابن الرومي: يُكنى أبا الوليد، هو محمد بن يوسف بن جعفر بن داود بن علي بن عبد الملك بن مروان بن حكم ابن الرومي، شاعر عباسي من أصل أموي، ولد في بغداد سنة 221 هـ/836 م وتوفي فيها سنة 283 هـ/896 م. كان من أشهر شعراء عصره في المديح والهجاء، وكان يهجو خصومه من الشعراء مثل ابن حانئ وابن قطامة وابن خفاجة، وكان يتميز بالسخرية واللطف والذكاء في شعره، وقد قال عنه ابن خلدون: “ولم يظهر في زمانه من يضاهيه في فصاحة لسانه، ولا في تأليف قصائده”

  • ابن الأزدي: يُكنى أبا عامر، هو عامر بن سلامة بن عامر بن زياد بن طارق بن زياد بن نزار ابن معد ابن عدنان ابن الأزدي، شاعر جاهلي من قبيلة زُحَيل التابعة للأزد. كان من أشجع شعراء عصره في الهجاء، وكان يهجو قبائل مختلفة مثل تغلب وطَّيء وأسد. كان يتميز بالإسفاف والإثارة في شعره، وقد قال عنه ابن رشيق: “ولم يكُ شاعِرًا في الجاهلية أسفف منه”.

 جرير الشاعر

جرير هو أحد أهم شعراء العصر الأموي، ويعتبر من أهجى شعراء العرب في التاريخ، فقد اشتهر بفن الهجاء الذي يستهدف فيه خصومه ومنافسيه بأبيات شعرية تنتقد سلوكهم وأخلاقهم ونسبهم ومظاهرهم، وكان يستخدم في هجائه أساليب متنوعة مثل السخرية والتهكم والإقذاع والفحش والتفصيل والتشبيه والاستعارة والتضاد والتناقض

ولد جرير في نجد عام 33 هـ/653 م، ونشأ في بادية نجد، وتعلم الشعر من جده حذيفة بن بدر الخطفي الذي كان شاعراً أيضاً. كان جرير من قبيلة كليب التابعة لتميم، وكان يكنى بأبي حزرة. توفي جرير في نجد عام 110 هـ/728 م

بدأ جرير حياته الشعرية بنقائض ضد شعراء محليين من قبائل مختلفة، ثم تحول إلى هجاء شعراء عصره المشهورين مثل الفرزدق والأخطل وسراقة البارقي، وكان يناضلهم في المجامع الشعرية التي كانت تقام في دور الخلافة الأموية. كان جرير يمدح بني أمية وخاصة الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي كان يوليه احتراماً كبيراً ويكافئه على شعره

كان شعر جرير قوياً ونافذاً في هجائه، فقد كان يؤثر في نفوس المستمعين والقارئين، وكان يستطيع أن يغير مصائر الناس بشعره، فقد قيل أن بعض خصومه ماتوا أو جنوا أو هجروا بسبب هجائه. كما كان شعر جرير مؤثراً في رأي الحكام والخلفاء، فقد استخدموا شعره كحجة أو دليل في بعض الأحكام أو القضايا.

ولم يكن جرير محصوراً في فن الهجاء فحسب، بل كان أيضاً من أبرع شعراء المديح والغزل في عصره، فقد مدح بني أمية والخلفاء والولاة والأشراف، وغزل في حبائبه وزوجاته وأمهات أولاده، وكان يستخدم في ذلك لغة رقيقة وصورة جميلة وأسلوب رشيق.

جُمِّعَ شِعْر جرير في ديوانه الذي يضم نحو 290 قصيدة، وقد تناول فيها موضوعات مختلفة مثل الهجاء والمديح والغزل والحكمة والرثاء والوصف والفخر والمناجاة. كما جُمِعت نقائضه مع الفرزدق في كتاب خاص بهما، وهي عبارة عن مجامعات شعرية تتناول فيها كل طرف عيوب الآخر ومحاسن نفسه. وقد اشتهرت هذه النقائض بين الناس وأصبحت مادة للدراسة والتحليل في كتب الأدب والنقد.

هجاء جرير

هجاء جرير هو أحد أبرز مظاهر شعره وأهم أسباب شهرته، فقد كان يمتاز بلسان حاد وفصيح ومبدع في استخدام الألفاظ والصور الشعرية التي تصيب خصومه بالذل والخزي. كان جرير يهجو شعراء عصره المشهورين مثل الفرزدق والأخطل وسراقة البارقي وغيرهم، وكان يناضلهم في المجامع الشعرية التي كانت تقام في دور الخلافة الأموية. كان جرير يستخدم في هجائه أساليب متنوعة مثل السخرية والتهكم والإقذاع والفحش والتفصيل والتشبيه والاستعارة والتضاد والتناقض

كان هجاء جرير قوياً ونافذاً في نفوس المستمعين والقارئين، فقد كان يؤثر في مصائر الناس بشعره، فقد قيل أن بعض خصومه ماتوا أو جنوا أو هجروا بسبب هجائه. كما كان شعر جرير مؤثراً في رأي الحكام والخلفاء، فقد استخدموا شعره كحجة أو دليل في بعض الأحكام أو القضايا

من أشهر قصائد جرير في الهجاء قصيدة “الدامغة” التي هجا فيها سراقة بن عمرو البارقي، الذي كان يزعم أنه من نسل عمرو بن لؤي، فأثبت جرير أن سراقة من نسل عبدة بن لؤي، الذي كان عبدًا لأحد قادة قوم عدي، فأذل سراقة بشعره وأظهر نسبه الحقيقي

ديوان جرير

ديوان جرير هو مجموعة شعرية تضم أشعار الشاعر العربي الكبير جرير بن عطية الخطفي الكلبي اليربوعي التميمي، الذي عاش في القرن الأول الهجري وكان من أهم شعراء الهجاء في تاريخ الأدب العربي. يحتوي ديوان جرير على نحو 290 قصيدة، منها 41 قصيدة في المدح و249 قصيدة في الهجاء، وتتنوع موضوعاتها بين الغزل والحكمة والسخرية والفخر والتحدي والانتقام

ديوان جرير لم يصل إلينا في صورته الأصلية، بل في صورة شروح وتفاسير له من قبل علماء ونقاد لاحقين، مثل محمد بن حبيب المروزي (ت 245 هـ) وأبو عبد الله المبرد (ت 285 هـ) وأبو علي الفارسي (ت 377 هـ) وغيرهم. كما أن بعض أشعار جرير قد ضاعت أو اختلطت بأشعار شعراء آخرين، مثل الفرزدق والأخطل، لشدة التشابه بينهم في الأسلوب والمضمون

ديوان جرير يعد من أهم المصادر لدراسة تاريخ العصر الأموي والحضارة الإسلامية في ذلك الزمان، فقد انعكس في شعر جرير صورة حية للأحداث والشخصيات والأفكار والقضايا التي كانت تهم المجتمع الإسلامي، سواء على المستوى السياسي أو الديني أو الثقافي أو الاجتماعي. كما يعد ديوان جرير من أبرز المآثر للغة العربية وفنونها، فقد كان جرير ماهرًا في استخدام أساليب بلاغية متقنة، مثل التشبيه والاستعارة والجناس والسجع والطباق والتضاد والإشارة، وكان يتمكن من إظهار معانٍ غزيرة بألفاظ قليلة.

 شعر جرير والفرزدق

شعر جرير والفرزدق هو من أهجى شعراء العرب في فن النقائض، وهو فن يتميز بالمناظرة الشعرية بين شاعرين يتبادلان الهجاء والسخرية والانتقاد في موضوعات مختلفة، مثل الفخر بالقبيلة أو الولاء للسلطان أو الغزل بالحبيبة أو الحكمة والموعظة

جرير والفرزدق هما من أشهر شعراء العصر الأموي، وكانا منافسين شديدين في فن النقاظ، حيث دامت مناظراتهما نحو أربعين عامًا، وتخللتها الكثير من الطرائف والمواقف المضحكة والمؤثرة

جرير هو جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي الكلبي التميمي، ولد في اليمامة في عام 26 هـ، وتوفي فيها في عام 110 هـ. كان شاعرًا ماهرًا في المدح والهجاء، وكان يتمتع بذكاء حاد وبلاغة رائعة. كان يميل إلى الولاة الأمويين، وخصوصًا هشام بن عبد الملك، الذي مدحه في قصائد عديدة. كان يهجو شعراء زمانه، وأشدهم هجاءً كان الفرزدق والأخطل.

الفرزدق هو حمّاد بن غالب بن صهل التغلبي التميمي، ولد في مكة في عام 33 هـ، وتوفي في المدينة في عام 110 هـ. كان شاعرًا مغامرًا وجسورًا، وكان يسافر كثيرًا في بلاد الشام والعراق والحجاز. كان يميل إلى آل هاشم، وخصوصًا زيد بن علي بن الحسين، الذي نصره في ثورته ضد الأمويين. كان يهجو جرير بشدة، وكان يتفوق عليه أحيانًا في المناظرات.

شعر جرير والفرزدق يعكس صورة حية للحضارة الإسلامية في ذلك الزمان، فهو يظهر تاريخ الصراعات السياسية والدينية والقبلية، وأحوال المجتمعات والأفكار والثقافات، وأساليب الحياة والسفر والغزوات. كما يبرز جودة الشعراء في استخدام لغة رصينة وأسلوب فصيح وبديع، مستعينين بالأمثال والحكم والإشارات التاريخية.

إذًا فشعر جرير والفرزدق هو مصدر ثمين لدارسة تاريخ الأدب والحضارة العربية الإسلامية، وهو موروث ثقافي يستحق الاهتمام والاحترام.

شعر هجاء

شعر الهجاء هو فن شعري قديم، يتميز بالسخرية والانتقاد والتحقير من شخص أو قبيلة أو فكرة، بأسلوب لاذع ومهين. يعتبر الهجاء من أقدم أنواع الشعر العربي، وكان له دور كبير في تحديد القيم والمواقف في المجتمعات العربية قبل الإسلام وبعده. كان الهجاء سلاحًا فعالًا في المناظرات والصراعات السياسية والقبلية، وكان أيضًا مظهرًا من مظاهر الفكاهة والذكاء والبلاغة

شعر الهجاء يتطلب من الشاعر مهارة عالية في استخدام اللغة والأسلوب، وإبراز عيوب ومساوئ المهجو بطريقة مبالغة أو مجازية أو ساخرة. كما يتطلب من الشاعر معرفة بحال المهجو وأحواله ونسبه وتاريخه، ليستطيع أن يصيبه في مقتل. كثيرًا ما يستخدم الشاعر في شعر الهجاء بعض الأدوات الفنية، مثل التشبيه والتناقض والتورية والكناية والحسنى والقبيحة

شعر الهجاء له تاريخ طويل في الأدب العربي، فقد اشتهر به كثير من شعراء الجاهلية، مثل طرفة بن العبد والأخطل الصغير والنابغة الذبياني، وكان له دور في تحديد هوية القبائل ومكانتها. كما اشتهر به شعراء الإسلام، مثل جرير والفرزدق والمتنبي وابن رئاب، وكان له دور في تغيير بعض السياسات والأحكام. كما اشتهر به شعراء المحدثين، مثل ابن نباتة وابن سناء الملك وابن هانئ الأندلسي، وكان له دور في إظهار المواهب والإبداعات

إذًا فشعر الهجاء هو فن شعري عظيم، يحتاج إلى قدرة على التفكير والتحليل والإقناع، ويبرز جانبًا من جوانب التاريخ والحضارة العربية.

تعليقات