القائمة الرئيسية

الصفحات

الخطابة

الخطابة هي فن مخاطبة الجماهير للتأثير عليهم واستمالتهم، وهي من أقدم الفنون الأدبية النثرية، وقد اهتم بها اليونانيون والرومانيون في العصور القديمة، وكان أرسطو أول من قسمها إلى ثلاثة أنواع: القضائية، والاستشارية، والاستدلالية

أما في العصر الإسلامي، فقد كانت الخطابة أكثر بلاغة وفصاحة، وظهرت فيها أنواع جديدة مثل: الخطبة الدينية، التي تخص الأئمة والدعاة في المساجد والأعياد، الخطبة السياسية، التي تخص القادة والزعماء في المناسبات الوطنية والمؤتمرات، الخطبة الاجتماعية، التي تخص المواضيع المتعلقة بالزواج، والتربية، والإصلاح، الخطبة العلمية، التي تخص المؤتمرات والندوات العلمية المتنوعة، الخطبة الاحتفالية، التي تخص المناسبات العامة، والخطبة الحربية، التي تخص حثّ الجيش على الجهاد والحماس

أنواع الخطابة

  • الخطبة الدينية: هي التي تتعلق بالمبادئ والأحكام والقيم الدينية، وتهدف إلى توجيه وتثقيف وتربية المستمعين على الإيمان والعمل الصالح. ومن أهم مميزاتها أنها تستند إلى القرآن والسنة والإجماع والقياس كمصادر شرعية، وأنها تستخدم أسلوباً بليغاً ومؤثراً يجمع بين الإخبار والإنشاء والحوار والسؤال والجواب. كما أنها تراعي ظروف المستمعين وحاجاتهم ومشكلاتهم، وتحثهم على التقرب من الله وطاعته وذكره.

  • الخطبة السياسية: هي التي تتعلق بالشؤون السياسية المحلية أو الإقليمية أو الدولية، وتهدف إلى توضيح الموقف أو المطالبة بالحق أو التأكيد على المصلحة أو التحذير من الخطر. ومن أهم مميزاتها أنها تستند إلى الحقائق والأدلة والبراهين، وأنها تستخدم أسلوباً عقلانياً ومنطقياً يجمع بين الإقناع والتأثير. كما أنها تراعي مستوى المستمعين وثقافتهم وانتماءاتهم، وتحثهم على المشاركة والتضامن والتعاون.

  • الخطبة الاجتماعية: هي التي تتعلق بالجوانب الإنسانية والأخلاقية والثقافية في حياة المجتمع، وتهدف إلى تحسين السلوك وزرع الفضيلة وإصلاح العلاقات. ومن أهم مميزاتها أنها تستند إلى الخبرات والأمثلة والحكم، وأنها تستخدم أسلوباً جذاباً وشائقاً يجمع بين الإبداع والتشويق. كما أنها تراعي مشاعر المستمعين وأحاسيسهم، وتحثهم على التفاؤل والإحسان.

  • الخطبة العلمية: هي التي تتعلق بالجوانب العلمية في مختلف المجالات، سواء كانت طبية أو هندسية أو اقتصادية أو غير ذلك،

الخطابة الوعظية

الخطابة الوعظية هي الخطابة التي تهدف إلى تنبيه المستمعين إلى أمور دينهم ودنياهم، وإرشادهم إلى ما ينفعهم ويضرهم، وتحسين أخلاقهم وسلوكهم، وتقوية علاقتهم بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. وهي من أشرف أنواع الخطابة، لأنها تقوم بما قام به الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وتتبع منهجهم في الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر

وقد كان الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام أحد أبرز الخطباء الوعظين في التاريخ الإسلامي، فقد خطب بالحكمة والموعظة الحسنة، وأثر في قلوب المستمعين ببلاغته وفصاحته، وأورد في خطبه آيات من القرآن الكريم، وأحاديث من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأقوال من حكماء الأمم، وأخبار من تاريخ الأولين والآخرين. كما أن خطبه كانت تتصل بالواقع الذي يعيشه المسلمون، وتتطرق إلى مشكلاتهم وحاجاتهم، وتقدم لهم حلولاً شرعية وعقلية

وفي نهج البلاغة نجد عدة خطب للإمام علي عليه السلام تحمل طابعاً وعظياً، مثل: خطبة التقوى، التي حث فيها المستمعين على اتباع أوامر الله تعالى، والابتعاد عن نواهيه، والإحسان إلى خلقه، والإخلاص في عبادته

وخطبة التوحيد، التي بيَّن فيها معانى التوحيد، وصفات الله تعالى، وحجج نبوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبراهين إثبات يوم القيامة.

الخطابة التفسيرية

الخطابة التفسيرية هي الخطابة التي تهدف إلى شرح وتوضيح معاني آيات القرآن الكريم، وبيان أسباب نزولها، ومقاصدها، وأحكامها، وعلاقتها بالواقع المعاش. وهي من أنفع أنواع الخطابة، لأنها تنير العقول بالهدى والبصائر، وتزيد الإيمان بالله تعالى وكتابه، وتقرب المستمعين من فهم كلام ربهم

وقد كان الخطباء التفسيريون يستندون في خطبهم إلى كتب التفسير المعتمدة، مثل تفسير ابن كثير، وتفسير الطبري، وتفسير القرطبي، وغيرها من المصادر الثقات. كما كانوا يستشهدون بالأحاديث النبوية الصحيحة التي تشرح الآيات أو تربطها بالسنة المطهرة. وكانوا يحرصون على شرح المفردات اللغوية، والإشارات البلاغية، والمقامات الخطابية في آيات القرآن

ومن أمثلة الخطباء التفسيريين في التاريخ: عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، والذي كان يُلقب بحبر الأمة لعلمه بالتفسير. وكان يخطب في مسجد الكوفة، ويشرح للناس آيات القرآن بأسلوب سهل وجذاب

وكذلك ابن عطية المالكي (541- 597 هـ)، والذي اشتهر بتأليف كتاب المحرر المجود في تفسير كتاب الله المجود. وكان يخطب في مسجد قرطبة، ويشرح للناس آيات القرآن بأسلوب علمي وأدبي.

ومن المعاصرين: محمد متولي الشعراوي (1911- 1998 م)، والذي اشتهر بخطبه التفسيرية في التلفزيون المصري. وكان يشرح للناس آيات القرآن بأسلوب بسيط ومؤثر.

الخطابة التاريخية

الخطابة التاريخية هي الخطابة التي تهدف إلى إلقاء الضوء على الأحداث والشخصيات والمواقف التي شكلت التاريخ العربي أو الإسلامي أو الإنساني. وهي من أهم أنواع الخطابة، لأنها تعرف المستمعين بتراثهم وثقافتهم وحضارتهم، وتنمي فيهم روح الانتماء والفخر والاستفادة من الدروس والعبر

وقد كان الخطباء التاريخيون يستندون في خطبهم إلى المصادر الموثوقة والمعتمدة في التاريخ، مثل كتب السيرة النبوية، وكتب التاريخ الإسلامي، وكتب التاريخ العالمي. كما كانوا يستشهدون بالشواهد الشعرية أو النثرية التي تصف الأحداث أو تعبر عن المشاعر. وكانوا يحرصون على اختيار الموضوعات التي تلامس حاجات المستمعين أو تحرك مشاعرهم أو تحثهم على العمل والجهاد

ومن أمثلة الخطباء التاريخيين في التاريخ: عبد الملك بن مروان (26- 86 هـ)، والذي كان يُلقب بأمير المؤمنين لقدرته على إدارة شؤون الدولة. وكان يخطب في المسجد الأموي في دمشق، ويروي للناس قصص الأنبياء والصحابة والتابعين بأسلوب رائع

وكذلك ابن خلدون (732- 808 هـ)، والذي اشتهر بتأليف كتاب المقدمة في التاريخ. وكان يخطب في مسجد قرطبة، ويربط بين التاريخ والحضارة والاجتماع بأسلوب علمي وفلسفي.

ومن المعاصرين: جورج حبش (1925- 2008 م)، والذي كان زعيماً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وكان يخطب في مؤتمرات ومظاهرات دعم القضية الفلسطينية، ويرفع شعار "لا سلام مع إسرائيل".

الخطابة الحربية

الخطابة الحربية هي الخطابة التي تهدف إلى تحفيز الجنود والمقاتلين على الدفاع عن أرضهم ودينهم وكرامتهم في مواجهة العدو. وهي من أصعب أنواع الخطابة، لأنها تتطلب من الخطيب قوة الشخصية والإقناع والبلاغة والحكمة والشجاعة

وقد كانت الخطابة الحربية موجودة منذ العصر الجاهلي، حيث كان العرب يخطبون قبل المعارك لزرع روح المنافسة والتحدي بين القبائل، ولتذكيرهم بمآثر أسلافهم وأجدادهم في الحروب. وكانوا يستشهدون بالشعر والأمثال والحكم التي تصف حال المجد والشرف والفداء

وفي الإسلام، ازدهرت الخطابة الحربية بشكل أكبر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قبل كل غزوة أو معركة، ويحث المسلمين على الصبر والثبات والتوكل على الله، ويبين لهم أسباب الجهاد وأهدافه وثماره، ويذكرهم بآيات القرآن وأحاديثه التي تشجع على المقاومة وتوعد المنافقين والكافرين. كما كان يستمع إلى خطباء آخرين من الصحابة مثل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما

ومن أشهر خطباء الحروب في التاريخ: خالد بن الوليد (21- 21 هـ)، والذي كان يُلقب بسيف الله المسلول، لأنه لم يُهزَم في أية معركة قاتل فيها. وكان يخطب في كل غزوة بأسلوب جذاب ومؤثر، يُثير في المسلمين حماسة لا تُقاوَم.

وكذلك صلاح الدين الأيوبي (532- 589 هـ)، والذي كان من أبرز قادة المسلمين في مواجهة صليبيِّي أوروبا. وكان يخطب في جيشه بأسلوب رزين وحكيم، يُظهِر فيه حُسْنَ نِيَّتِهِ وصِدْقَ عَزْمِهِ، ويرفع من معنوية المقاتلين بذكر فضائل فتح بيت المقدس.

الخطابة السياسية

أنت تطلب مني أن أتكلم حول الخطابة السياسية . هذا طلب صعب لأن الخطابة السياسية موضوع واسع ومعقد ويحتاج إلى دراسة وتحليل عميق. لكن سأحاول أن أقدم لك بعض المعلومات الأساسية والمصادر التي يمكنك الرجوع إليها لمزيد من التفصيل.

الخطابة السياسية هي فن إلقاء كلام شفهي يتناول أمور الحكم والسياسة والقضايا المتعلقة بها. هدفها هو التأثير في الجمهور وحشده لاتباع رأي أو فكرة أو قرار معين. وهي وسيلة من وسائل التواصل بين النخب السياسية والشعب، وبين النخب السياسية فيما بينها.

الخطابة السياسية تعتبر من أهم أشكال التواصل السياسي في العالم العربي قديمًا وحديثًا. فقد حفظ لنا التراث العربي عشرات الخطب التي أُلقيت في لحظات حاسمة من التاريخ العربي، والتي كان لها دور في صياغة الواقع السياسي والتغيرات التاريخية. كما وصل إلينا فيض وافر من األدلة التاريخية على الدور الذي أسهمت به الخطابة في نشر الوعي والثقافة والحضارة بين الشعوب.

في عصرنا المعاصر، شهدت الخطابة السياسية تطورات وتحولات كثيرة، سواء في مضامينها أو أساليبها أو وظائفها أو جمهورها. فقد تأثرت بالظروف التاريخية والجغرافية والثقافية والإعلامية التي تغيرت على مدار الزمن. كما تأثرت بالشخصية والأسلوب والفكر والهدف للخطباء المختلفين، سواء كانوا قادة سياسيين أو نشطاء حقوقيين أو دعاة دين.

أنواع الخطابة هو موضوع آخر يستحق دراسة مستقلة، لأنه يتضمن تصنيفات مختلفة حسب المحور المرجعي. فقد يستخدم المحور التاريخي لتقسيم الخطابة إلى قديمة وحديثة، أو المحور المادِّى لتقسيمها إلى شفهية وكتابية، أو المحور الوظيفي لتقسيمها إلى سياسية وقضائية وعسكرية ودينية وعلمية وغيرها.

والمعول عليه اليوم هو تقسيم الخطابة إلى خمسة أنواع حسب المحور الوظيفي، وهي:

  • الخطابة السياسية: هي التي تتناول أمور الحكم والسياسة والقضايا المتعلقة بها، وتهدف إلى التأثير في الجمهور وحشده لاتباع رأي أو فكرة أو قرار معين. مثال عليها خطب جمال عبد الناصر وأنور السادات وباراك أوباما.
  • الخطابة القضائية: هي التي تتناول أمور القانون والعدالة والحقوق، وتهدف إلى إثبات حجة أو دفاع عن قضية أو اتهام بجريمة. مثال عليها خطب المحامين والقضاة في المحاكم.
  • الخطابة العسكرية: هي التي تتناول أمور الحرب والدفاع والأمن، وتهدف إلى تشجيع الجنود والشعب على القتال أو الصبر أو الانتصار. مثال عليها خطب صلاح الدين الأيوبي وجورج بوش وصدام حسين.
  • الخطابة الدينية: هي التي تتناول أمور الدين والإيمان والأخلاق، وتهدف إلى تعليم الناس مبادئ دينهم أو تحذيرهم من المخالفات أو ترغيبهم في الطاعات. مثال عليها خطب الأئمة والدعاة في المساجد والكنائس.
  • الخطابة العلمية: هي التي تتناول أمور العلم والمعرفة والتكنولوجيا، وتهدف إلى نشر المعلومات أو التثقيف أو التحديث. مثال عليها خطب الأساتذة والباحثين في المؤتمرات والجامعات.

تعليقات