مواجهة المخاوف
مواجهة المخاوف هي إحدى الطرق الفعالة للتغلب على هذا الاضطراب النفسي. الوسواس القهري هو نوع من الأمراض العقلية التي تتميز بأفكار وهواجس غير واقعية وسلوكيات قهرية متكررة تسبب الضيق والانزعاج للمصاب وتعيق حياته اليومية
من أهم طرق علاج الوسواس القهري هو العلاج السلوكي المعرفي، والذي يتضمن تقنية التعرض ومنع الاستجابة. هذه التقنية تتطلب من المصاب أن يتعرض للأشياء أو المواقف التي تثير مخاوفه وهواجسه، مثل الأوساخ أو التلوث أو الجراثيم، دون أن يستجيب لها بالسلوك القهري، مثل غسل اليدين أو التفحص المستمر. عند تكرار هذه التمارين، يتعود المصاب على مواجهة مخاوفه ويشعر بانخفاض في مستوى قلقه وتحسن في حالته النفسية
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام بعض الأدوية المضادة للاكتئاب، مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية، لزيادة مستوى هذا الناقل العصبي في الدماغ وتحسين المزاج والحد من القلق. هذه الأدوية قد تحتاج إلى فترة زمنية لإظهار نتائجها، وقد تسبب بعض الآثار الجانبية، لذلك يجب استشارة الطبيب قبل استخدامها
إلى جانب العلاجات المذكورة، يمكن للمصاب بالوسواس أن يتبع بعض التدابير الذاتية للتخفيف من حدة أعراضه، مثل:
- ممارسة التأمل أو التنفس العميق أو غيره من التقنيات التي تساعد على استرخاء الجسم والعقل.
- مشاركة شخص مقرب أو محترف في مشاعره وأفكاره والحصول على دعم نفسي.
- تجنب التهرب من المخاوف أو المحفزات التي تثير الهواجس، والتحدي من نفسه لمقابلتها بشجاعة.
- تحديد أهداف صغيرة وقابلة للقياس لتحسين حالته، والإشادة بنفسه على كل خطوة يقطعها نحو التغلب على المشكلة.
- اكتساب معلومات عن طبيعة الوسواس القهري وأسبابه وطرق علاجه، والاستفادة من المصادر الموثوقة والمتخصصة في هذا المجال.
استباق حدوث الوسواس
استباق حدوث الوسواس هو مجموعة من الإستراتيجيات والتقنيات التي تهدف إلى منع أو تقليل تأثير الأفكار والمخاوف الوسواسية على الشخص المصاب بهذا الاضطراب. بعض هذه الإستراتيجيات هي:
- تحديد مصادر الضغط والتوتر في حياة الشخص ومحاولة التعامل معها بطرق صحية وإيجابية، مثل التحدث مع شخص موثوق أو ممارسة هواية محببة أو الاسترخاء.
- تطوير مهارات التفكير النقدي والمنطقي للتمييز بين الأفكار الوسواسية والحقائق الواقعية، وتحليل المخاطر والنتائج المحتملة للسلوكيات القهرية، وتحديد التناقضات والمغالطات في الأفكار الوسواسية.
- استخدام تقنيات التعرض التدريجي للمخاوف والمحفزات الوسواسية، بدءًا من المستوى الأدنى إلى المستوى الأعلى من الصعوبة والقلق، مع عدم أداء السلوكيات القهرية أو تأجيلها لفترة زمنية محددة، حتى يتم التكيف مع المخاوف وتخفيف حدتها.
- استخدام تقنيات إعادة التصور أو إعادة التسمية لتغيير طريقة تفكير الشخص في المخاوف والمحفزات الوسواسية، وإعطائها اسمًا أقل تهديدًا أو أكثر دقة، مثل “الأفكار المزعجة” بدلاً من “الأفكار المرضية” أو “الغبار” بدلاً من “الجراثيم”.
- استخدام تقنيات إلهاء الانتباه عن الأفكار والمخاوف الوسواسية، بالتركيز على شيء آخر أكثر إيجابية أو مفيدة، مثل قراءة كتاب أو سماع موسيقى أو حل لغز.
- استخدام تقنيات التحديث الذاتي والإشادة بالنفس لتعزيز ثقة الشخص بنفسه وقدرته على التغلب على المشكلة، والتذكير بإنجازاته وتقدمه في علاجه، والإبتعاد عن التعميمات والإستنتاجات المبنية على المشاعر.
- استخدام تقنيات التحول من المشكلة إلى الحل، بإعداد خطة عمل محددة ومنظمة للتعامل مع المشكلة، وتحديد الأهداف المطلوبة والخطوات المطلوبة لتحقيقها، والبحث عن المصادر المساعدة والطلب منها الدعم عند الحاجة.
تقنيات الاسترخاء والتحرّك
تقنيات الاسترخاء والتحرك هي مجموعة من الأساليب والأنشطة التي تهدف إلى تهدئة العقل والجسم وتخفيف التوتر والقلق الناجم عن الأفكار والهواجس الوسواسية. هذه التقنيات تساعد المصاب بالوسواس على التحكم في ردود أفعاله وتغيير طريقة تفكيره وتصوره للمشكلة. بعض هذه التقنيات هي:
- التأمل اليقظ: هو تقنية تتضمن التركيز على الحاضر والانتباه للأحاسيس والمشاعر والأفكار دون الحكم عليها أو محاربتها. يساعد التأمل اليقظ على زيادة الوعي بالجسم والعقل وتقبل الحالة بدلاً من مقاومتها. يمكن ممارسة التأمل اليقظ بشكل فردي أو بمساعدة مدرب أو من خلال استخدام تطبيقات أو تسجيلات صوتية
- التنفس العميق: هو تقنية تتضمن استنشاق الهواء ببطء وعمق من خلال الأنف وإخراجه من خلال الفم. يساعد التنفس العميق على إبطاء معدل ضربات القلب وخفض ضغط الدم وزيادة تدفق الأكسجين إلى الخلايا. يمكن ممارسة التنفس العميق في أي وضعية مريحة، مع إغلاق العينين أو فتحهما، وبشكل منتظم أو عند الشعور بالضغط أو الانزعاج
- التصور الموجه: هو تقنية تتضمن استخدام خيال المصاب لإنشاء صور ذهنية لأماكن أو مواقف تثير شعوره بالسعادة والراحة. يساعد التصور الموجه على تحفيز المشاعر الإيجابية وتخفيف المشاعر السلبية المرتبطة بالوسواس. يمكن ممارسة التصور الموجه بشكل فردي أو بإرشاد من محترف أو من خلال استخدام تطبيقات أو تسجيلات صوتية
- التحرك: هو تقنية تتضمن ممارسة نشاط جسدي مثل المشي أو الجري أو ركوب الدراجة أو السباحة أو رفع الأثقال أو غيرها من التمارين الرياضية. يساعد التحرك على إطلاق هرمونات الإندورفين التي تحسن المزاج وتخفف من التوتر والألم. يُنصح المصاب بالوسواس بأن يختار نشاطًا يستمتع به ويلائم قدراته ويمارسه بانتظام لمدة 30 دقيقة على الأقل ثلاث مرات في الأسبوع.
العلاج النفسي
العلاج النفسي هو عبارة عن مجموعة من الأساليب والتقنيات التي تهدف إلى مساعدة المصاب بالوسواس القهري على التعامل مع أفكاره وهواجسه وسلوكياته القهرية بطريقة أكثر صحة وإيجابية. يعتمد العلاج النفسي على تغيير طريقة تفكير المصاب وتصوره للمشكلة وتحسين مهاراته في التحكم في ردود أفعاله ومشاعره
أحد أنواع العلاج النفسي المستخدمة في معالجة الوسواس القهري هو العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive behavioral therapy - CBT)، وهو عبارة عن علاج يركز على تحديد وتحليل وتصحيح الأفكار والمعتقدات غير الصحيحة أو المشوهة التي تؤدي إلى حدوث الهواجس والأفعال القهرية. يساعد هذا العلاج على تطوير مهارات التفكير النقدي والمنطقي وزيادة الثقة بالنفس والتغلب على المخاوف
أحد عناصر العلاج السلوكي المعرفي هو تقنية التعرض ومنع الاستجابة (Exposure and response prevention - ERP)، وهي تقنية تتطلب من المصاب أن يتعرض للأشياء أو المواقف التي تثير مخاوفه وهواجسه، مثل الأوساخ أو التلوث أو الجراثيم، دون أن يستجيب لها بالسلوك القهري، مثل غسل اليدين أو التفحص المستمر. عند تكرار هذه التمارين، يتعود المصاب على مواجهة مخاوفه ويشعر بانخفاض في مستوى قلقه وتحسن في حالته النفسية
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام بعض التقنيات الأخرى في إطار العلاج النفسي لمساعدة المصاب بالوسواس، مثل:
- إعادة التصور أو إعادة التسمية: هذه التقنية تتضمن استخدام خيال المصاب لإنشاء صور ذهنية لأماكن أو مواقف تثير شعوره بالسعادة والراحة، أو إعطاء اسمًا أقل تهديدًا أو أكثر دقة للأشياء أو المخاوف التي تؤدي إلى حدوث الهواجس.
- إلهاء الانتباه: هذه التقنية تتضمن التركيز على شيء آخر أكثر إيجابية أو مفيدة، بدلاً من الأفكار والمخاوف الوسواسية، مثل قراءة كتاب أو سماع موسيقى أو حل لغز.
- التحديث الذاتي والإشادة بالنفس: هذه التقنية تتضمن تعزيز ثقة المصاب بنفسه وقدرته على التغلب على المشكلة، والتذكير بإنجازاته وتقدمه في علاجه، والابتعاد عن التعميمات والاستنتاجات المبنية على المشاعر.
الأدوية
الأدوية هي مجموعة من المواد الكيميائية التي تؤثر على الدماغ وتساعد في تخفيف الهواجس والسلوكيات القهرية التي تصاحب اضطراب الوسواس القهري. ينتمي معظم هذه الأدوية إلى فئة تسمى مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، والتي تعمل على زيادة مستوى هذا الناقل العصبي في الدماغ وتحسين المزاج والحد من القلق
بعض أنواع الأدوية التي تستخدم لعلاج الوسواس القهري هي:
- كلوميبرامين (Clomipramine): هو أحد أقدم وأكثر فعالية أدوية علاج الوسواس القهري، ولكنه يسبب بعض الآثار الجانبية مثل اضطرابات في المعدة والجفاف وزيادة الوزن وانخفاض ضغط الدم. يستخدم للبالغين والأطفال من عمر 10 سنوات فأكثر
- فلوكسيتين (Fluoxetine): هو أحد أشهر أدوية علاج الوسواس القهري، وهو يستخدم للبالغين والأطفال من عمر 7 سنوات فأكثر. يحتاج إلى فترة زمنية لإظهار نتائجه، وقد يسبب بعض الآثار الجانبية مثل صداع وغثيان وأرق وانخفاض في الشهية
- سيرترالين (Sertraline): هو أحد أدوية علاج الوسواس القهري التي يمكن استخدامها للكبار والأطفال من عمر 6 سنوات، وهو يؤخذ مرة واحدة يوميًا. قد يساعد في تحسين المزاج وزيادة الطاقة، ولكنه قد يسبب بعض الآثار الجانبية مثل اضطرابات في المعدة والإسهال والتعرق والتغيرات في الشهية
- باروكسيتين (Paroxetine): هو أحد أدوية علاج الوسواس القهري التي تستخدم للبالغين فقط، وهو يؤخذ مرة واحدة يوميًا أو تقسم الجرعة على مرتين. قد يكون فعالًا في تخفيف حدة الأعراض، لكنه قد يسبب بعض الآثار الجانبية مثل زيادة في الشهية وزيادة في الوزن وصعوبة في التخلص من التأثيرات بعد التوقف عن استخدامه
إذا كان لديك اضطراب الوسواس القهري، فإن استشارة طبيب نفسي متخصص هو الخطوة الأولى للحصول على العلاج المناسب. قد يحتاج بعض الأشخاص إلى تجربة عدة أنواع من الأدوية قبل العثور على النوع الأنسب لهم. كما يجب مراعاة اتباع التعليمات الطبية بدقة والإبلاغ عن أي آثار جانبية أو تغيرات في الحالة. كما ينصح بالجمع بين الأدوية مع العلاج النفسي لزيادة فرص التحسن والشفاء
تعليقات
إرسال تعليق