تعريف الانزياح في الشعر

الانزياح لغةً واصطلاحًا

الانزياح في الشعر هو استخدام الشاعر للغة بطريقة مبتكرة ومختلفة عن المألوف والمعتاد، ليعبر عن مشاعره وأفكاره بصورة جمالية وفنية. الانزياح لغةً يعني الزوال أو القضاء أو الإزاحة، واصطلاحًا يعني التباعد وتغيير المسار. الانزياح في الشعر يتم على مستويات مختلفة، منها الدلالي والتركيبي والإيقاعي والأسلوبي. كل مستوى من هذه المستويات يسهم في إثراء النص الشعري وإضفاء عليه خصوصية وتميز

بعض أنواع الانزياح (مستويات الانزياح)

بعض أنواع الانزياح (مستويات الانزياح) في الشعر هي:

• الانزياح الدلالي: وهو الذي يتعلق بالمعنى أو الدلالة للكلمات أو التعبيرات، ويتم بطرق مختلفة مثل الاستعارة والمجاز والكناية والتشبيه وغيرها. فالشاعر يستخدم لغة غير مألوفة أو مخالفة للمعنى الحقيقي للكلمة لإثارة انتباه القارئ وإبداع صور جديدة. مثال على ذلك قول الشاعر أحمد شوقي:

وأنتَ في الحُسْنِ كالشَّمْسِ في البَهاءِ فَمَنْ يُضِيءُ إذا اسْتَرَقْتَ الضِّياءَ

فهنا استخدم الشاعر كلمة “اسْتَرَقْتَ” بدلاً من “غابت” أو “غاب”، فأنزح عن المعنى المألوف وأضاف دلالة جديدة تشير إلى أن الشمس تخجل من حسن المخاطب وتختبئ خلف الغيوم.

• الانزياح التركيبي: وهو الذي يتعلق بالبناء أو التركيب للجمل أو الأبيات، ويتم بطرق مختلفة مثل التقديم والتأخير والحذف والإضافة وغيرها. فالشاعر يستخدم تركيبات غير مألوفة أو مخالفة للقواعد النحوية أو الصرفية لإثارة انتباه القارئ وإبداع تركيبات جديدة. مثال على ذلك قول الشاعر نزار قباني:

يا حُبِّي لكِ في كُلِّ شَارِعٍ يُسْقِطُ عَصْفُورٌ قَصِيدَتِي

فهنا استخدم الشاعر تركيبة غير مألوفة بجعل “حُبِّي” مضافًا إلى “كِ”، بدلاً من “حُبُّكِ”، فأنزح عن التركيب المألوف وأضاف تركيبًا جديدًا يشير إلى حجم حبه لها.

• الانزياح الإيقاعي: وهو الذي يتعلق بالصوت أو الإيقاع للأبيات، ويتم بطرق مختلفة مثل التغيير في نظام الوزن أو القافية أو المقطع أو غيرها. فالشاعر يستخدم صوتًا غير مألوف أو مخالف للنظام المتبع في شعره لإثارة انتباه القارئ وإبداع إيقاع جديد. مثال على ذلك قول الشاعر نزار قباني:

رسائِلُ حُبٍّ تُحْرَقُ في سَوادِ اللَّيْلِ وأَنْتِ تَقْرَئِينَها بِعُيُونِ النَّهارِ

فهنا استخدم الشاعر إيقاعًا غير مألوف بجعل البيت يتكون من ستة أوزان بدلاً من خمسة، فأنزح عن الإيقاع المألوف وأضاف إيقاعًا جديدًا يشير إلى حالة الحزن والألم.

أمثلة على الانزياح في الشعر:

أمثلة على الانزياح في الشعر هي:

• في قصيدة “الموت والطفل” لمحمود درويش، يقول الشاعر:

وأنا أسيرُ في الشارعِ ألقيتُ على جثّةٍ طفلٍ مُقْتولٍ وقلتُ له: يا صغيري هل تريدُ أن تكونَ شهيداً؟ فرفعَ رأسَهُ وقال: لا

فهنا استخدم الشاعر انزياحًا دلاليًا بجعل الطفل المقتول يتحدث ويجيب على سؤاله، مخالفًا المعنى الحقيقي للموت والحياة، وذلك لإظهار حالة الصدمة والحزن التي أصابته.

• في قصيدة “أنا وأنت” لنزار قباني، يقول الشاعر:

أنا وأنتَ نسيرُ في الطريقِ كالسِّكِّينِ والجرحِ كالسِّجِّينِ والسَّجْنِ كالخُبْزِ والجوعِ

فهنا استخدم الشاعر انزياحًا تركيبيًا بجعل الكلمات تتبع نظامًا مختلفًا عن المألوف، فبدلاً من أن يستخدم جملة مفيدة مكونة من فاعل وفعل ومفعول، استخدم جملة غير مفيدة مكونة من اسم وضمير متصل، ثم استخدم تشبيهات تربط بين كلمات متضادة، مثل السكين والجرح، فأنزح عن التركيب المألوف وأضاف تركيبًا جديدًا يشير إلى حالة الصراع والتضاد بينه وبين المخاطب.

• في قصيدة “أغانٍ ليلية” لبدر شاكر السياب، يقول الشاعر:

أغانٍ ليلية َ تَغْزُو ُ قَلْبِى كَأَغْصَان ِ نَخْل ٍ تَهْتَزُّ فى رِّيح ِ كَأَغْصَان ِ نَخْل ٍ تَهْتَزُّ فى رِّيح ِ

فهنا استخدم الشاعر انزياحًا إيقاعيًا بجعل البيت يتكون من سبعة أوزان بدلاً من خمسة، وبجعل القافية تتغير من “ى” إلى “ى” في نهاية البيت، فأنزح عن الإيقاع المألوف وأضاف إيقاعًا جديدًا يشير إلى حالة الانسجام والانطلاق بينه وبين الأغاني.